هل انتهى عصر جائحة كوفيد 19 حقًا مع بداية عام 2023؟

 نحن الآن في عام 2022، ما يقرب من ثلاث سنوات منذ اكتشاف الحالات الأولى لفيروس كورونا الغير معروف حينها في ووهان إحدى مدن الصين، وهناك سؤال مهم يدور في أذهان جميع الناس حول العالم هل انتهى وباء كورونا حقًا؟ إذا لم يكن كذلك فمتى يتم ذلك من أجل الخير للإنسانية جمعاء؟


العالم لن يتجاوز جائحة كورونا قبل 2023
كما هو الحال مع العديد من الأشياء خلال فترة كورونا فإن السؤال عن موعد انتهاء الوباء أو ما إذا كان قد انتهى بالفعل يكاد يكون من المستحيل إعطاء إجابة واحدة، لأنه مثل العديد من الأشياء في علم الأوبئة فإن الأمر كله يتعلق بالتعريفات وإذا قمنا بتعريف الجائحة بطريقة ما ربما يكون قد عصر كورونا انتهى بالفعل ولكن باستخدام تفسيرات أخرى من المحتمل أن يستمر إلى الأبد.

ما هو تعريف الجائحة؟

هناك طرق عديدة لتعريف الجائحة لكن الصحيح يميل إلى الانقسام إلى تعريفين رئيسيين إما علمي أو اجتماعي، التعريف الأول هو الأبسط إلى حد كبير لأنه صحيح بشكل مقبول في المجتمعات الدولية وإلى حد ما ويسهل فهمه كما أنه التعريف الأكثر شيوعًا لوضعه في كتاب تعليمي يسمى A Dictionary of Epidemiology والذي يوجد حاليًا في طبعته الخامسة ويقول فيه:


"الجائحة عبارة عن وباء يحدث في جميع أنحاء العالم أو في منطقة واسعة جدًا ويعبر الحدود الدولية ويصيب عادة عددًا كبيرًا من الناس وفي كثير من الأحيان تحدث وفيات"


هذا الأمر مثير للجدل حقًا في عالم وبائيات الأمراض المعدية، مما يجعل التساؤل المهم الآن حول ما إذا كانت جائحة كورونا قد انتهت علميًا، قد يبدو السؤال بسيط للغاية ولكن هناك أوبئة عالمية مستمرة تتخطى الحدود الدولية وتؤثر على الملايين بالرغب من ظن الناس أنها انتهت، الأقرب للصواب أن نقول أن الوباء لم ينته بعد وربما لن ينتهي أبدًا بسبب العدوى المستمرة.


هل يعني أن أكبر كوابيس البشرية والمستمرة حتى الآن من الأمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو السل تعتبر أوبئة؟ 

نعم على الرغم من القضاء على هذه العدوى إلى حد كبير في بعض الدول المتقدمة ذات الثروة والتقدم التكنولوجي، كما أن الإجابة العلمية أن تلك الأمراض تمتلك إحصائيات تفي بالمعايير التي يجب بناءًا عليها أن تسمى أوبئة وبالتالي فهي كذلك من الناحية العملية.


مع ذلك هناك بعض التعقيد في المناقشة حول هذا الأمر عادة ما يفصل المجتمع بين الأمراض المتوطنة أو الموجودة بشكل روتيني في السكان حتى لو تسببت في بعض الأحيان في أوبئة أو تفشي واسع النطاق خلال فترة زمنية محددة عن الأمراض الوبائية.


على سبيل المثال تعتبر الإنفلونزا الموسمية من الناحية الفنية وباءً لأنها تلبي التعريف، ولكن من الناحية العملية عادةً ما نقول شيئًا مثل الوباء الموسمي بدلاً من ذلك.


الأمر يبدو معقدًا بعض الشيء نعم هو كذلك حيث تشير بداية الأوبئة عادة ولكن ليس دائمًا إلى أمراض جديدة كـ كجزء من النظام البيئي، هذه هي الأمراض التي تنمو بشكل أسرع وتؤثر على أكبر عدد من الناس لكن التعريفات تتداخل إلى حد ما حيث يُمكن التأكد الآن بأن كوفيد 19 كمرض مستمر يؤثر على أجزاء كبيرة من العالم بطريقة موسمية فـ هو الآن جائحة ومرض مستوطن.


مع ذلك باستخدام التعريف العلمي المشترك بين جميع الدول ليس هناك شك في أن كوفيد 19 لا يزال مؤهلًا باعتباره وباءً عالميًا مستمرًا حتى اليوم.


ماذا نعرف عن الأوبئة الاجتماعية؟

مُعظم الناس لا يشيرون إلى المصطلحات العلمية البحتة عندما يتحدثون عن ما إذا كانت الأوبئة انتهت، من المفترض أن هذا يرجع إلى أن عددًا قليلاً نسبيًا من الناس شقوا طريقهم مؤخرًا من خلال كتاب علم الأوبئة العلمي  لـ معرفة الإجابة، عندما يتحدث معظم الناس عن انتهاء وباء ما فإنهم ما يشيرون إليه كـ دليل هو سلوك الناس وليس سلوك الفيروس، هل يَشعر بعض الناس أن الحياة عادت إلى طبيعتها تمامًا كما كانت في عام 2019؟ هل كل شيء كما كان قبل الوباء؟ الإجابة لا.


مثالاً صغيراً تجاهل كل شيء عن كيفية تأثير كوفيد 19 نفسه على الخدمات الصحية أو عدد الوفيات أو أي من ذلك، دعنا نركز على شيء واحد صغير نسبيًا خدمات الرعاية الافتراضية، قبل الوباء كان الحصول على موعد طبي عبر الهاتف أو عبر الفيديو أمرًا ممكنًا ولكن فقط إذا كنت محظوظًا بما يكفي لوجود طبيب أو نظام طبي محلي يتيح لك هذه العملية.


والأرقام تؤكد ذلك في المملكة المتحدة قبل الوباء تم إجراء حوالي 10٪ من الاستشارات مع أطباء الرعاية الأولية عن بُعد، في عام 2021  كان هذا أقرب إلى 50٪ وبكل المقاييس لا تزال النسبة مرتفعة للغاية.

هل انتهى جائحة كوفيد 19 حقًا مع بداية عام 2023؟
من المحتمل أننا لن نعود أبدًا إلى ما كان عليه عام 2019 عندما يتعلق الأمر بالمشاورات الطبية الافتراضية عبر الإنترنت لأي عدد من الأسباب، يرى كثير من الناس أن هذا التغيير أمر جيد لأنه يسمح بمزيد من المرونة في الرعاية الصحية لكل من المرضى والموظفين، صحيح أن الأمور قد اقتربت قليلاً مما كانت عليه قبل انتشار الوباء لكنها ربما لن تكون أبدًا كما كانت من قبل.


وترى هذا النوع من التغيير في كل مكان في أستراليا ، حيث يعيش أحد أصدقائي يحكي أنه لم يكن أحد يرتدي قناعًا علنًا قبل انتشار الوباء، على الرغم من أن القيود الأخيرة التي تتطلب إرتداء القناع الطبي قد اختفت الآن، ستظل ترى عددًا قليلاً من الأشخاص يرتدونها حتى في الأماكن التي لم يتم التنبه على ارتدائها فيها ولكنها أصبحت عادة ممكن أن نقول ذلك أيضًا.


ما زلنا نعقد العديد من الاجتماعات عبر الإنترنت لأن الجميع أدرك أن قضاء ساعات في السفر لمجرد البقاء في نفس الغرفة لمدة ساعة ليس دائمًا أفضل فكرة، تظل الأيام المرضية مصدر قلق وأكثر خطورة في العديد من البلدان مما كانت عليه قبل جائحة كورونا.


نعود إلى السؤال الأصلي الذي بدأنا به المقال ألا وهو متى سينتهي الوباء في سياق مجتمعي؟ بالنسبة لي الإجابة واضحة جدًا إنها تعتمد كليًا على ما تعنيه بكلمة (انتهى للناس).


إذا كنت تقصد أننا عدنا إلى الحياة تمامًا كما كان من قبل فسأقول إننا ربما لن نصل إلى تلك المرحلة بعد ولا يزال الوباء مستمراً، أما إذا كنت تعني انتقال معظم الناس إلى إطار من الحياة اليومية الذي لا يتضمن احتياطات جائحة كورونا مثل الأقنعة والمطهر وغيرها فسأقول ... ربما؟


هناك أمر أخر ربما يعتمد الأمر بالأساس على المكان الذي تعيش فيه، أشك في أن الشخص الذي يعيش في الصين سيقول إن الوباء انتهى في بلده ليس حتى إشعار آخر.

خلاصة القول

النقطة المهمة فيما يتعلق بشأن إذا ما كنت تعتقد أن الوباء قد انتهى أم لا يعتمد إلى حد كبير على ما تحاول قوله، إذا كنت تقصد هل توقف الكثير أو معظم الناس عن عيش حياتهم كما فعلوا في عام 2020 في بعض البلدان قد تكون الإجابة نعم/ أما إذا كنت تقصد هل توقف الناس عن المرض والموت بسبب فيروس كورونا ومن الواضح حتى الآن أن الجواب لا.


كما هو الحال مع معظم الأشياء في علم الأوبئة لا توجد إجابة بسيطة على أي سؤال، حيث يَعتمد الأمر على ما إذا كنت تعتقد أن الوباء قد انتهى كليًا على كيفية تعريفك لكلمات "جائحة" و "انتهى"، بالنسبة للبعض يتم ذلك بالتأكيد أما بالنسبة للآخرين لن يتم ذلك أبدًا، في النهاية لا يوجد أي من هذين المنظورين خاطئ إنهما يستخدمان فقط فكرًا مختلفًا من أجل تحديد نفس الموقف.


إرسال تعليق

أحدث أقدم