مفارقة الإختيار هل سَبق أن عانيت من عذاب الاختيار؟
دعونا نتحدث اليوم عن مفارقة الاختيار أو بارادوكس أو تشويس، يعلم الجميع أن شركة أمازون تبيع أكثر من 15 مليون منتج كما تحتوي متاجر تسوق البقالة في المتوسط على 30000 منتج مختلف، يوجد العديد من الجامعات في البلد الذي تتواجد به ناهيك عن العالم أجمع حيث أصبح أمر التعلم على نطاق أوسع وأشمل مع التقدم التكنولوجي وظهور تقنية التعلم عبر الإنترنت بعد عصر الكورونا.
يَمتلك الإنسان الحديث حرية الإختيار بين آلاف المهن المختلفة بجميع المجالات، وأكثر من خمسمائة الف وصف الأمراض العقلية وعشرة آلاف خيار لقضاء الإجازة والترفيه، وعدد لا حصر له من أنماط الحياة المختلفة الذي يرغب به والذي يكره.
تستمر تنوع اختيارات المنتجات المتاحة للشراء في النمو يومًا بعد يوم وهنا تزداد مشكلات مفارقة الإختيار، مع هذه الوفرة من الخيارات كيف يمكننا اتخاذ قرار عقلاني حول ما هو الخيار الأفضل بالنسبة لنا؟
بالطبع إنه من الرائع أن يكون هناك اكثر من إختيار يجعلنا سعداء، إنها علامة على التقدم على أن الحضارة الإنسانية تنمو اقتصاديًا بشكل مميز وعلى نحو أفضل لم يسبق له مثيل، كما يتم توفير المزيد من فرص العمل في مجالات متواجدة حديثًا ما يُمكننا من تطوير إبداعنا على أكمل وجه خلال فترات العمر المختلفة.
ومع ذلك هناك حد يُمكن بعده أن تكون الفرص والخيارات الإضافية غير مرغوب فيها لنوعية الحياة وهذه المعضلة الأخلاقية والتي يطلق عليها مفارقة الاختيار.
الكثير من الخيارات المتاحة للإنسان يُمكن أن تسبب الجمود الداخلي حيث أن كل شيء متاح ومتواجد، على سبيل المثال إذا كان متجر المواد الغذائية يحتوي على 48 نوعًا من الزبادي فمن المؤكد أنك ستقع في حالة من الاضطراب الداخلي، من ناحية أخرى إذا كان هناك 6 أنواع فقط من الزبادي في المتجر فسيكون من السهل عليك تحديد النوع الذي تريد شراؤه مقارنة بالفوائد التي تحتاجها.
عندما يكون العرض كبيرًا جدًا يَصعب على المشتري اتخاذ قرار بشأن ما يشتريه لذلك في الكثير من الأحيان لا يشتري العميل شيئًا ببساطة بسبب مفارقة الإختيار والتي تجعله يختار الإختيار الأسهل ألا وهو الرحيل.
لقد واجهت مفارقة في الاختيار في سنوات مراهقتي عندما اضطررت إلى تحديد المسار المهني الذي يجب أن أختاره، لقد ضاعت على الكثير من الفرص الجيدة لأن لدي العديد من الاهتمامات، لكن الجميع كان يخبرني أنه يجب علي اختيار مسار وظيفي واحد والتمسك به وهذا هو الصواب.
كثرة الخيارات تؤدي إلى عدم الرضا، كيف يمكن لأي شخص أن يتأكد من أنك تختار الأفضل من بين 500 خيار أخر متاح؟ المزيد من الخيارات يعني عدم يقين أقوى ونتيجة لذلك عدم رضا أكبر.
إذن، ماذا يمكنك أن تفعله حيال مفارقة الاختيار؟
تأكد من أنك متأكد مما تريد هذا أول شيء تبدأ به تحديد القرار وذلك قبل التفكير في الخيارات المقترحة، قم بعمل قائمة تفضيلاتك والتزم بها ولا تنسي من المستحيل على الإنسان اتخاذ خيار مثالي على أي حال من الأحوال لذا كُن سعيدًا بالقرار الذي اتخذته وستجد سكينة ورضا.
ما هي مفارقة الاختيار Paradox Of Choice؟
حرية الإختيار تَحد من حرية الإنسان، ماذا يعني ذلك؟
الاختيار أمر حتمي يتطلب العمل لـ تطبيق الخيار الصحيح في جميع مفارق الحياة، فبينما يبدو لك أنه كلما كانت قائمة الطعام متنوعة على العشاء كلما كانت تجربة تناول الطعام أكثر حرية فإن العكس هو الصحيح عزيزي القاريء، إذا تم تحديد قائمة الطعام فلا داعي للتفكير في الأمر وتلك هي الحرية المطلقة.
حيث يمكنك التحرر من الضغوط واتخاذ القرار المناسب، نحن نتسوق في المتاجر التي تبيع سلعًا متنوعة بحيث أن مجرد اختيار نوع من معجون الأسنان قد يستغرق خمسة عشر دقيقة إلى نصف ساعة قارن ذلك مع متجر المدينة منذ 100 عام، كان هناك نوع واحد من كل شيء.
إذا كنت في حاجة إلي شيء ما فقد حصلت عليه ولم يكن عليك أن تقرر أي إصدار مما تحتاجه يناسبك بشكل أفضل عن غيره، المفارقة في الاختيار أو بارادوكس أوف تشويس هي أن تنوع خياراتنا يسبب لنا التوتر الداخلي وفي النهاية شعورًا بالتعاسة المحاصرة لأنك لن تستطيع شراء كل المنتجات حتى وإن كنت تمتلك المال فلن تستخدمها جميعًا.
إذا كنت قد اشتريت أي شيء من قبل فقد واجهت مفارقة الاختيار مثال على ذلك أنت تقف أمام رفوف الملابس التي لا ترغب في تجربتها في متجر أمازون وتتمنى لو كان هناك مجرد رفين رف السراويل مع علامة تجارية واحدة و رف القمصان مع علامة تجارية واحدة.
في حين أنه قد يبدو أن الاختيارات الكثيرة تَجعل عملية الشراء أكثر متعة وربما تكون كذلك لـ بعض الأشخاص، فإن ذلك يجعل عملية الشراء تَستغرق وقتًا أطول وتُولد كمية كبيرة من الضغوط الكامنة، ومن المفارقات الأخرى أن الاختيار يضع العبء على عاتق الشخص الذي يقوم بالإختيار.
إذا كان لديك خيارًا واحدًا فأنت ترضى بما ما تراه أمامك دون تفكير، أما إذا كان لديك خيارات مُتعددة وانتهى بك الأمر غير راضٍ عن الخيار الذي اتخذته فلا يوجد سوى شخص واحد يقع عليه اللوم وستكون في حالة عدم رضا وحزن.
لا تنطبق نظرية مفارقة الاختيار على السلع الاستهلاكية فقط، بل نحن كمجتمع لدينا خيارات أكثر بكثير من الأجيال السابقة، لا يَتوقع الشخص أنه سيتزوج المرأة التي هي من عائلته لا يتوقع أحد أن يختار مهنة واحدة ويلتزم بها حتى يتقاعد.
هناك العديد من الخيارات المتاحة لنا ولكن هذا يتركنا نسأل أنفسنا باستمرار عما إذا اخترنا الخيار "الصحيح" أم لا، ربما كانت الأمور المتوقعة الموضوعة لنا من قبل خانقة بعض الشيء لكن كان هناك بعض الراحة فيها.
كيف أستخدم مفارقة الاختيار بشكل أفضل في حياتي؟
أفضل طريقة لاستخدام مفارقة الإختيار بشكل صحيح هي الرضا بما نجده أمامنا العديد من المجتمعات تغرق في الاختيار عائلات تندثر بسبب الإختيارات، لذا فإن القرارات المستمرة الحازمة الواضحة مطلوبة، على عكس أجدادنا لا ننهي اليوم بالرضا عن قيامنا بعمل جيد بل ننهي اليوم بالتحقق من بريدنا الإلكتروني والرسائل الجديدة على أمل الشعور بالرضى من حديث شخص ما.
إذا كنت على دراية بالتأثير الذي تتركه مفارقة الإختيار عليك يُمكن أن تحاول تفاديه، قلل من التشديد على القرارات البسيطة وكن حازمًا في القرارات الأكبر، هذه مُشكلة جديدة نسبيًا لجنسنا البشري والتداعيات تحدث ونحن نتحدث كن على دراية بالطريقة التي تجعلك تشعر بإختياراتك لـ تختارها بحكمة.