هل الاستحمام بالماء البارد مفيد لصحة الإنسان أم لا وما قول العلم؟

 يُعد الإستحمام بالماء البارد أو غمر الجسد بالماء عادة صحية شائعة يقوم بها الكثير من الناس منذ قرون، بشكل متزايد حيث يتخلص الناس من الإرهاق والحصول على السكينة والراحة حين ينزلون بداخل المياه الباردة وفي بعض الدول الأجنبية ينزل الناس لـ المياه المتجمدة لتحسين صحتهم.


الاستحمام بالماء البارد للرجال

عادة ما يميل الناس للعثور على أقرب بحيرة من الماء شديد البرودة وقضاء ما لا يقل عن 10-15 دقيقة في الاستحمام فيه بينما تنكمش الأطراف ببطء ويحدث ذلك في الكثير من دول العالم والعديد من الأشخاص يقومون بعمل تلك العادة بالمنزل أيضًا.


كما تَصدرت فكرة الغطس في حمام جليدي عناوين الصحف الأوروبية مؤخرًا مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث ذكرت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم أنه يمكنك إنقاص وزنك بكل سهولة عند الإستحمام بالماء شديد البرودة كما للأمر أهمية أخرى من خلال الوقاية ضد مرض السكري.


 عند الإستحمام بماء بارد تكون أكثر صحة بشكل عام وفقًا للعديد من الأطباء، إذا كنت تغطس في الماء شديد البرودة وفقًا لبعض التقارير العلمية أيضًا فأنت تحافظ على صحتك النفسية، العلم البدائي والعلم الحديث أقروا أنه يجب علينا جميعًا أن نجعل أجسادنا تشعر بالبرودة بانتظام قدر الإمكان لتحسين حياتنا الصحية والنفسية.


ولكن قبل أن نستحم بالماء البارد من الجدير بالذكر أن العلم وراء هذه الفكرة باختصار شديد أنه في الواقع ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الماء البارد مُفيد لصحتك على عكس ما يقوله الأطباء، اليوم مع منصة مستقبل المعرفة سنقوم بالإجابة على هذا السؤال هام.


ما هو رأي العلم في عملية الإستحمام بالماء البارد؟

الورقة البحثية الجديدة التي جعلت الجميع في حالة ذهول دام لأيام طويلة مع مناقشات قوية في المجتمع العلمي والتي صدرت بـ مجلة الصحة القطبية (Circumpolar Health) حيث حملت إفتتاحية رائعة بعنوان (الآثار الصحية للتعرض الطوعي للماء البارد) وهذا موضوع طال فيه النقاش بين الأطباء والعلماء لـ سنوات طويلة.


 بحث العلماء في عدد من قواعد البيانات للدراسات العلمية بهذا الشأن، وقاموا بتجميع قائمة بالأوراق البحثية التي نظرت في ما إذا كانت هناك فوائد صحية محتملة لـ عملية الإستحمام بـ الماء البارد أم لا، على المستوى العلمي وجدوا أن هناك مجموعة من الدراسات قبل السريرية أجريت في مختبرات والتي أوجدت بعض الاقتراحات التي تدل على فائدة الماء البارد لـ جسم الإنسان.


 هذا الأمر مثير للاهتمام أليس كذلك، لكنها عزيزي القاريء لا تُثبت حقًا هذه المزاعم وهذا لأنه من الصعب أخذ قدر كبير من المعلومات والحقائق من خلايا الفئران في المختبر وكيف يمكن أن يعمل ذلك للأشخاص الفعليين في الحياة الواقعية، هناك الكثير من التكهنات حول الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها التكيف مع الدهون البنية والآليات الأخرى إلى تحسين الصحة.


جوهر السؤال هنا ما إذا كان الاستحمام أو الغمر داخل الماء البارد يساعد الناس فعلاً على سبيل المثال على تحسين نسبة السكر في الدم.

من حيث الأدلة البشرية  كانت النتائج المُستخرجة إيجابية إلى حد ما حيث لاحظ بعض العلماء أن الاستحمام بـ الماء البارد ليلًا له تأثير مفيد على وزن الجسم المثالي، ويمكن اعتباره يقي من مرض السكري كما أن هناك أيضًا فوائد أخرى مُحتملة للجهاز المناعي  وبعض الآثار الإيجابية على الصحة العقلية للإنسان.


الأمر يبدو جيدًا حتى الآن ولكن كما هو الحال مع معظم الدراسات العلمية فإن المشاكل تَكمن في التفاصيل الصغيرة فلا يجب الوثوق بها 100%، حيث يُمكنك الحصول على فكرة عن موضوع ما والنظر في آخر سطر في تلك الورقة البحثية أو ورقة أخرى وتجد معلومات مغايرة.


من خلال العرض السابق وغيره من العروض البحثية الأخرى يتضح أن هناك دعمًا علميًا متزايدًا بأن التعرض الطوعي للماء البارد قد يكون له بعض الآثار الصحية المفيدة، مع ذلك من الواضح أيضًا أن هناك حاجة إلى دراسات بحثية جديدة جادة وحقيقية تُركز بشكل خاص على الموضوع هذا الأمر.

ما هو رأي الدراسات في عملية الإستحمام بالماء البارد؟

إذا كنت سأقدم طلب للحصول على برهان حول موضوع شائك كـ (الاستحمام بالماء البارد يقي من مرض السكري)، فأنا أريد تجارب سريرية عشوائية بشكل منطقي تُقارن من خلالها الأشخاص الذين غُمروا بالماء البارد مقابل مجموعة محددة قضوا وقتًا في الماء الدافئ.


 إذا كنا نختبر البرودة الشديدة كـ عملية فنحن بحاجة إلى وجود مجموعة جيدة من الأشخاص بالإضافة إلى تصميم دراسة قوي، لأنه من السهل جدًا تخيل كيف يمكنك الحصول على نتيجة إيجابية حتى لو لم يكن للغمر في الماء البارد أي فوائد صحية على الإطلاق.


إذا لم يكن هناك شيء آخر للتجربة فيمكننا قياس الآتي (السباحة في أي درجة حرارة للماء البارد تُحسن لياقة الإنسان) مما يحسن صحة الإنسان، لذلك سيكون من غير المفاجئ تمامًا أن ترى الأشخاص الذين يسبحون في الماء البارد أصبحوا أكثر لياقة بغض النظر عن الفوائد التي قد يجنيها الماء البارد.

أيهما أفضل الاستحمام بالماء البارد أو الساخن
وجد فريق عمل مستقبل المعرفة بعد المراجعة عبر مواقع البحث العلمي ما لا يمكن وصفه إلا على أنه مجموعة من الأبحاث غير المجدية تقريبًا والتي لا تثبت شيئًا على الإطلاق عن الإستحمام في الماء البارد، تجدر الإشارة إلى الورقة البحثية القائلة بأن الماء البارد يقلل أو يحول الدهون البنية وبالتالي يؤدي إلى خسارة الوزن.


كما يوجد ثلاث دراسات معملية أخرى عن القوارض والخلايا وتجارب أولية عن 11 شخصًا وجدت بعض التغييرات الطفيفة جدًا في الهرمونات قبل وبعد الاستحمام بالماء البارد، لم نستطيع حتى رؤية دراسة تؤكد عملية مثل فقدان الوزن في حد ذاته، النتائج كلها مجرد حجج متضاربة بأن هذه التغيرات الهرمونية المحتملة التي وجدها أحد الباحثين قد تفيد الإنسان بشكل أو بأخر.


الإصابة بمرض السكري أمر سيء بالفعل لذا حيث يستشهد الباحثين بثلاث دراسات لدعم القول بأن الغمر في الماء البارد يمكن اعتباره وقائيًا ضد مرض السكري، أولاً وجدت دراسة أجريت على 12 شخصًا على رجال أصحاء أن إحداث انخفاض خفيف في درجة حرارة الجسم قد أثر إلى حد ما على مستويات الاديبونكتين وهو هرمون يشارك في حساسية الأنسولين لـ مرض السكري.


دراسة أخرى شملت 30 شخصًا تبحث في التغييرات التي حدثت على مدار موسم السباحة في الماء البارد بالشتاء ولم تجد أي فائدة لمؤشرات تغير كتلة الجسم أو الوزن أو نسبة الجلوكوز في الدم أو نسبة الدهون في الجسم أو العديد من المؤشرات الحيوية الأخرى لمرض السكري.


لكنها وجدت تحسنًا طفيفًا بـ نسبة الأنسولين بالدم وأخيرًا ورقة بحثية أخرى قارنت بيانات 14 سباحًا في الماء البارد مع مجموعة مكونة من 10 أشخاص سبحوا في حمامات سباحة داخلية دافئة ولم تجد أي فرق جوهريًا بين المجموعتين بعد 6 أشهر.


الخاتمة

في النهاية مسألة ما إذا كانت هناك فائدة صحية من المكوث في الماء الفاتر أو أن تكون الماء باردة بشكل عام، هي مسألة مفتوحة إلى حد كبير لكن بالطبع السباحة مفيدة لصحتك على الرغم من أنه من الجدير أن نتذكر أن السباحة في الماء شديد البرودة يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر إذا لم تكن حريصًا، لذلك إذا كنت تغطس بانتظام فمن المحتمل على الأقل ستقوم بـ تحسين لياقتك الجسدية.


لكن أي فوائد تتجاوز ما هو واضح؟ حسنا ربما يبدو من المستحيل بعض الشيء أن الشعور بالبرد الشديد لفترات قصيرة أو طويلة من الوقت سيؤدي إلى تحسينات جذرية في صحتك، ولكن في عالمنا حدثت وستحدث أشياء غريبة دومًا، مع ذلك فإن أي شخص يخبرك بثقة أن الماء البارد هو المفتاح لصحة أفضل فتأكد أن كلامة غير مدعوم إلى حد كبير بالأدلة العلمية قد يكون هذا رأيه الشخصي لكن هذا لا يجعل ما يقوله حقيقة.


إرسال تعليق

أحدث أقدم