لماذا قد تكون الفوائد الصحية للوقوف أثناء العمل مبالغًا فيها، إن الفكرة من وراء مكاتب العمل في حالة الوقوف كتدخل صحي بسيطة إلى حد ما، نحن نعلم أن نمط الحياة العادي مع الكثير من الجلوس أمر سيء بالنسبة للإنسان بصورة كبيرة.
تم إثبات خطورة الجلوس لفترات طويلة مرارًا وتكرارًا في عشرات إن لم يكن مئات الدراسات خلال العشرين سنة الأخيرة، مما لا شك فيه أن الجلوس كثيرًا وعدم ممارسة الكثير من التمارين يضر بصحتك الجسدية.
إذن هل الأمر الصحي أو الفكرة المناسبة أن نظل واقفين أثناء العمل! إذا كنت أمام مكتب طوال اليوم يمكنك فقط الحصول على مكتب مرتفع (أو مكتب يرتفع لأعلى ولأسفل)، والوقوف عزيزي القاريء سيقلل من مخاطر كل تلك النتائج السيئة التي قد تحدث لك على المدى الطويل من الجلوس لأنك ستخفف من عامل الخطر الرئيسي الذي حددناه للمشكلة.
باستثناء كما هو الحال مع معظم التدخلات الصحية اتضح أن الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك إلى حد ما يجب عليك إستكمال المقال لـ فهم السبب، أثناء الوقوف والتحركات الدائمة في مكان العمل ربما تجعلك تقف أكثر والتي لنكن صادقين ليست حقيقة سيئة فقد لا تُحسن من الصحة أو الرفاهية داخل العمل بمقدار ملموس.
لذا دعونا نلقي نظرة على الأدلة التي وجدناها مؤخرًا.
ما هو رأي العلم عن مكتب الوقوف أثناء العمل؟
أول شيء يجب ملاحظته هو أن مكاتب الوقوف الجديدة المصنوعة خصيصًا للموظفين إضافة إلى التحركات الدائمة بشكل عام داخل بيئة العمل بالتأكيد تجعلك تقف أكثر من اللازم، هذا تغيير عن آخر مرة كتبت فيها عن هذا الموضوع منذ عدة سنوات عندما لم تظهر الدراسات حقًا الكثير من التأثيرات السلبية حيال الأمر.
يوجد الآن العديد من التجارب الجديرة بالذكر والتي تم إجراؤها بشكل جيد والتي تُظهر أن أماكن العمل التي قضت قدرًا كبيرًا من الوقت والمال في شراء مكتب الوقوف وإخبار موظفيها بالوقوف قدر الإمكان شهدت تحسنًا ملحوظًا في وتيرة العمل، مما أدى إلى زيادة وقت بقاء الموظفين في أماكنهم وزيادة نسبة العمل من وضع الوقوف في نطاق 30-60 دقيقة في اليوم.
الآن هذا يبدو جيدًا فكما قُلت الجلوس طويلًا سيء بالنسبة للبشر، لذا لا يجب أن يكون الجلوس طويلًا أفضل على أي حال من الأحوال إلا أن هذه هي النقطة التي يصبح فيها الأمر معقدًا.
الشيء المهم في الأمر الآن هو أننا لا نهتم على الإطلاق بوقت الجلوس في حد ذاته، الجلوس هنا ما يسمى بالنتيجة البديلة وهو علامة لأشياء أخرى نراها إشكالية ونريد تحسينها من وجهة نظر صاحب العمل، هناك بعض الأدلة على أن الإفراط في الجلوس يمكن أن يؤثر على الإنتاجية ويحتمل أن يكون له آثار على الصحة والسلامة التشغيلية للشركة أو المؤسسة مستقبلًا.
من وجهة نظر الموظف تَكمن المشكلة في أن الجلوس لفترة طويلة قد يؤدي إلى نتائج صحية أسوأ مثل زيادة الوزن ومشاكل القلب ومشاكل عديدة بالعمود الفقري وبعض المشاكل بالحوض وأشهرها عرق النسا وغيرها.
البعض منا ينيس فترات الجلوس لأننا نعتقد أنه مرتبط بهذه المخاطر طويلة الأجل ومن خلال منع الجلوس لفترات طويلة فإننا نمنع المشكلات الأخرى أيضًا من أن تظهر ولكن هذا ليس صحيحًا بالضرورة.
ماذا يُخبرنا أخر تقرير نُشر في المجلة الطبية البريطانية؟
تعرف معي على تجربة عشوائية مُهمة نُشرت للتو في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) تبحث في تأثير الوقوف الدائم أثناء العمل في مكان العمل، حيث وجد الباحثون أن التحرك لأغراض مختلفة بما في ذلك مكاتب العمل واقفًا تُزيد وبشكل واضح من وقت الوقوف للموظف الواحد بحوالي ساعة في اليوم على مدار 12 شهرًا.
كان لديهم عينة كبيرة من التجارب العينية مع العشرات من أماكن العمل وقد أجريت الدراسة نفسها بشكل جيد، وهي زيادة معقولة بشكل عام إذا اتبعت الإجراء ذاته الذي قاموا به فمن المؤكد تقريبًا أن الأشخاص الذين يعملون في مثل هذه البيئة يقفون بشكل أكثر كل يوم عن اليوم الذي قبله.
ولكن بالإضافة إلى قياس مقدار الوقت الذي يقضيه الأشخاص في الوقوف، قام الباحثون أيضًا بقياس نتائج الصحة والرفاهية والإنتاجية لدى المشاركين على سبيل المثال بحثوا لمعرفة ما إذا كان الأشخاص قد فقدوا الوزن وحصلوا على نوم أفضل وابلغوا عن إنتاجية أفضل في مكان العمل أو كانوا يعانون من الألم وغيرها.
في نهاية الأمر وعبر عشرات النتائج الثانوية حرفيًا وجدت الدراسة أنه لا توجد فروق ملحوظة بين الأشخاص الذين شاركوا في العمل وقوفًا أو العمل في حالة الجلوس على المكتب.
وجدت الدراسة فائدة كبيرة في النتيجة البديلة للوقوف ولكن لا توجد فوائد كبيرة ملحوظة في أي من النتائج الصحية الرئيسية وغيرها من النتائج التي نهتم بها بالفعل.
هذه مشكلة كبيرة لأنه كما قلت الوقوف مهم فقط إذا كان يحسن أشياء أخرى مهمة، إذا كان الوقوف أثناء العمل لا يقلل الألم أو يساعد في إنقاص الوزن أو له فوائد أخرى، فإننا ننفق كل هذه الأموال على المكاتب والتعليم ببساطة لتغيير وضع الناس في العمل من الجلوس إلى الوقوف.
مقارنة هامة بين الجلوس مقابل الوقوف
الآن المشكلة مع هذا الجزء من البحث والكثير من البحوث حول العمل المكتبي في حالة الوقوف هي أنها لم تكن موجه حقًا لإثبات أي شيء حول النتائج الصحية في المقام الأول، إذا نظرت إلى الدراسات التي أجريت للنظر في ما إذا كانت مكاتب العمل في حالة الوقوف مفيدة.
فكلها متشابهة إلى حد ما شريحة صغيرة جدًا تهدف في المقام الأول إلى إثبات أن العمل في حالة الوقوف أفضل لـ تجعل الناس يقفون أكثر ونادرًا ما تُفحص نتائج الصحة أو الإنتاجية على أي حال، حتى التجارب التي بحثت عنها بشكل خاص للوصول إلى النتائج الصحية كانت غالبًا صغيرة جدًا وغير قادرة على اكتشاف التأثير كما وجدت بعض الدراسات فوائد والبعض الآخر لم يفعل لكن جميعها لم تكن كافية لتحديد ما إذا كان الوقوف يُحسن الصحة بالفعل أم لا.
بعبارة أخرى لم يَثبت حتى الآن أن مكاتب العمل في حالة الوقوف أو الحركة أثناء العمل مضيعة للوقت، لكننا حتى الآن لم نجري دراسات من شأنها أن توضح لنا ما إذا كانت كذلك أم لا، وذلك من أجل النظر في النتائج الصحية والإنتاجية ذات الأهمية الحيوية للشركات والمؤسسات، بالتأكيد سنحتاج إلى دراسات أكبر بكثير تضم مجموعات كبيرة جدًا من الأشخاص وهو ما لم يقم به الباحثون حتى الآن.
ومع ذلك بقدر ما أستطيع أن أقول إن الورقة البحثية BMJ الجديدة هي أكبر تجربة لهذه العملية حتى الآن، ولم يكن هناك فرق كبير في أي نتيجة ذات أهمية بين مجموعات التدخل، والشاهد كانت هناك تحسينات طفيفة في عدد قليل من الأشياء ولكن في الغالب بدا الأمر وكأنه الوقوف أكثر والمكاتب الخاصة بالعمل أثناء الوقو ليس لها أي فائدة على الصحة أو الرفاهية أثناء العمل.
ما يعنيه هذا هو أننا إذا وجدنا فوائد في تجربة على مستوى كبير مستقبليًا فمن المحتمل أن تكون الفوائد قليلة إلى حد، ما لا يمكننا استبعاده هو أن مكاتب العمل من الوقوف تعمل على تحسين الصحة حيث أن فواصل الثقة في هذه المقولة واسعة جدًا لذلك ولكن يمكننا القول أن إنفاق قدر كبير من الوقت والمال في جعل الأشخاص في مكان العمل يقفون لمدة 60 دقيقة إضافية كل يوم لمدة عام ربما لا يكون أمر مهم.
ليس لدينا الكثير من الفوائد للأشياء التي نهتم بها هذا أمر خاص بالبشر، نعم ستجعل الموظفين يقفون أكثر ولكن قد لا ينتج عن مبلغ 500 دولار ما يعادل 9000 جنيه مصري للفرد الواحد للمكتب الواحد بالإضافة إلى التكلفة الإضافية لتدريب الموظفين والمكافآت لتحفيز الموظفين نوع الفوائد الصحية التي تُستخدم لبيع المنتج في المركز الأول.
هذه ليست إجابة عشوائية بأي حال من الأحوال لأن الدراسات كما قلت محدودة، أنا شخصياً أحب مكاتب الوقوف التي استخدمتها في السنة السابقة، يمكنك التناوب بين الجلوس والوقوف لقضاء اليوم الطويل والمُجهد ولكن هناك علامة استفهام كبيرة حول السبب الرئيسي الذي يجعلنا نرغب في مكاتب الوقوف، نعم ستجعلك تقف أكثر من أن تجلس لكن ليس من الواضح ما إذا كان الوقوف في حد ذاته يُحسن صحتك.